من هو أحمد بن حنبل؟ إمام من أئمة السنة

من هو أحمد بن حنبل؟ إمام من أئمة السنة
بسم الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه تسليما كثيرا إلي يوم الدين


الإمام أحمد بن حنبل
التعريف بنسبه رحمه الله
هو الإمام حقاً ، وشيخ الإسلام صدقاً أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة ، ويلتقي نسبه بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معدِّ بن عدنان .

مولده ونشأته و بداية طلبه للعلم رحمه الله

الخامس من ربيع الأخر لعام مائة وأربع وستون للهجرة النبوية ذكره الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء.
وقد ولد في بغداد وتوفى والده وهو صغير فنشأ يتيما رحمه الله.
طلبت العلم وأنا ابن ست عشرة سنة.
وكان رحمه الله يحج ماشيا و قد سافر في طلب العلم والحديث أسفارا عدة مما لا يسعنا ذكره في موضع كهذا.

علم الإمام أحمد

كان الإمام رحمه الله من أعلام المحدثين رواية ودراية وقد وردت روايات عن مقدار ما يحفظ من الأحاديث أجمعت كلها أنه كان يحفظ مئات الألوف من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
وكتابه المسند يشهد على ذلك فقد جمع فيه ما يزيد عن ثلاثين ألف حديث بأسانيدها من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل أن الإمام أحمد يحفظ ( ألف ألف ) حديث ، يعني ( مليون ) حديث . أي مجموع الروايات والأسانيد والطرق للأحاديث .
* مِنْ حِفْـظِ الإمام أحمد للحديث كان يقول لابـنه : اقرأ عليَّ الحديث وأُخبركُ بالسند ، أو اقرأ عليَّ الإسناد لأخبرك بالحديث .
وقد جمع و ألف عددا من الكتب أشهرها المسند وكتاب الزهد والرد على المعطلة و الجهمية

ثناء الناس على الإمام أحمد

ومعلوم أن الناس قد تثني على الشخص مبالغة أو رجاء صلة من مال أو الوصول إلي رياسة وهذا كله لم يكن لأن أحمد ابن حنبل كان عفيفا قليل ذات اليد ولم يكن من أصحاب السلطان ومن أثنى عليه هم من أقرانه في العلم وهذا طرفا من ذكرهم لهذا الإمام
قال عبد الرزاق شيخ الإمام أحمد : ما رأيت أحداً أفْـقَـه ولا أوْرع من أحمد.فعقب عليه الذهبي قائلًا : قال هذا وقد رأى مثل الثوري ومالك وابن جريج وكلهم من أئمة الدين.

قال الشافعي وهو من شيوخ الإمام أحمد : خرجتُ من بغداد فما خلَّفتُ بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفْـقَـه من أحمد بن حنبل.
وقال أيضا: أحمد إمام في ثمان خصال: في الحديث، والفقه، واللغة، والقرآن، والفقر، والزهد، والورع، والسنة.
وقال المزني: أحمد بن حنبل، أبوبكر يوم الردّة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين.
قال يحيى بن معين : أراد الناس أن يكونوا مثـل أحمد بن حنبل ! لا والله، ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقته.
قال هلال بن العلاء: ثلاثة أشياء لا بد للناس منها: فقه الشافعي، فإنه ما ترك كتاباً من الكتاب والسنة، ومحنة أحمد بن حنبل والسياط تأخذه، لولا ذلك لذهب الدين، وغريب الحديث لأبي عبيد، فإن أصحاب الحديث كانوا يكتبون الحديث ولا يدرون ما هو حتى جاء أبو عبيد ففسَّره.

وقد كان عفيفا رحمه الله
لمَّا رحل لطلب العلم لم يكن لديه مال، فـكان يحمل البضائع على الجمال وعلى الحمير فيأخذ من هذا درهم ومن هذا درهم ،فيعيش بهذه الدراهم ، وفي الصباح يطلب العلم حتى يستغني عن سؤال الناس .

كان الإمـام أحمد يكره الشُهرة والثناء

دخل عليه عمُّـهُ وكان الإمام أحمد حزين ، فقال عمُّـهُ : ماذا بك ؟ فقال الإمام أحمد : طُوبى لِمَنْ أخْمَد الله ذكره ، يعني من لم يكن مشهوراً ، ولا يعلم به إلاَّ اللـه .
* وقال أيضاً : أريدُ أنْ أكونَ في شِعْبِ مكـة حتى لا أُعْـرَفْ .
* وكان إذا أراد أنْ يمشي يكره أن يتبعه أحدٌ من الناس.
العمل بالعلم

* قال الإمام أحمد ما كتبتُ حديثـاً إلاَّ وقد عملتُ بـه , حتى أنَّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ احْـتَـجَـمَ وأعطى الحجَّامَ أجره ، فاحْـتَـجَـمَ الإمام أحمد وأعطى الحجَّام أجره .

أخلاق الإمـام أحمـد وآدابه
* كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسةآلاف طالب ، ( 5000 ) كانوا يكـتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِـهِ .
* قال يحيى بن معين : ما رأيتُ مثـل أحمد ،صحبناه خمسين سنة فما افـتخر علينا بشيء ممَّا كان فيه من الخير .
* كان الإمام أحمد مائلاً إلى الفقـراء ، وكان فيه حِلْمْ ، ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع ، وكانت تعلوه السكينة والوقار .
* قال رجل للإمام أحمد : جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فقال الإمام أحمد : بل جزى الله الإسلام عني خيراً ، مَنْ أنا ؟ وما أنا ؟
* كان الإمام أحمد شديد الحياء ، وأكرم الناس ، وأحسنهم عِشْرةً وأدباً ، لمْ يُسمع عنه إلاَّ المُذاكرة للحديث ، وذِكْر الصالحين ، وكان عليه وقارٌ وسكينة ، ولفْـظٌ حَسَنْ .
قال أحمد: كُلِ الطعام مع الإخوان بالسرور، ومع الفقراء بالإيثار، ومع أبناء الدنيا بالمروءة.

قال الشافعي لأحمد: ما تقول في العائد في هبته؟ فقال: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. فقال الشافعي: فمن أخبرك أن الكلب حُرِّم عليه العود في قيئه؟! فقال: أما علمت أن مثل السوء لغيرنا
قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ}.
ولما ضُرب أحمد ومرض أمره الطبيب بأن تشوى له دجاجة فشويت في دار ابنه صالح فلم يأكلها وقال: إن ابني يأخذ عطاء الخليفة.
فقد كان يرفض أن يأخذ شئ من الملوك والأمراء

ومما يجب أن يعلم أن الإمام أحمد ابتلي سنين عدة مع عدد من خلفاء بني العباس ومنهم المأمون والواثق والمعتصم فقد دعوه جميعا للقول أن القرأن مخلوق وهذه فتنة عقدية من فتن أهل الإعتزال فرفض أن يجيبهم لذلك فأوذي رحمه الله أذى شديدا وسجن وعذب وضرب بالسياط.

وقد قال أحد الجلادين ضربنا أحمد ثمانين صوتا لو ضربت لفيل لسقط.

ومع ذلك كان صابرا محتسبا متيقنا أن هذا امتحان من ربه ليرفع به ذكره في الدنيا والأخرة وقد كان فوالله الذي لا أله إلا هو أن أحمد ابن حنبل من أحب الأئمة الي قلوب اهل السنة وعلمائها فهل دعانا لحبه لا وانما الله جل في علاه قذف حبه في قلب كل مؤمن صادق.

قال أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: ما ثبتني في الأمر الذي نزل بي ما ثبتني أعرابي لقيني في رحبه مالك بن طوق(منطقة تقع بين الرقة وبغداد)، قال لي: يا أحمد إن يقتلك الحق تمت شهيداً، وإن تعش تعش حميداً.

وأل الامر بعد ذلك للخليفة المتوكل فقال في القرأن بقول أهل السنة وأن القرأن كلام الله منزل غير مخلوق ونصر الإمام أحمد وأحسن له وبعد أن مات هذا الخليفة رحمه الله رأه أحد العلماء في رؤية فقال له مافعل الله بك :- فقال غفر لي بقليل من السنة أحييتها لينحقق وعد الله لعباده بالنصر والتمكين قال تعالى
(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآيتنا يوقنون)
وفاته وعدد من صلى عليه
قال أبو زرعة الرازي: بلغني أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذي وقف الناس عليه حيث صلي على أحمد بن حنبل - رحمه الله -، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف، وصلى عليه محمد بن عبد الله بن طاهر.
قال الخطيب أبوبكر في تاريخ بغداد: لما صلوا على جنازة أحمد بن حنبل كان الجَمْع كثيراً، فأمر المتوكل أمير المؤمنين أن يمسح الموضع، وكانوا صلوا عليه في الصحراء، فمسحوا وقدروا أنه صلى عليه ألف ألف وستون ألفا دون من كان على السور ودون النساء والصبيان، فأسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس.
ذكر القصتين ابن الجوزي في المناقب.
فانظروا لهذا الرجل رحمنا الله وإياكم كيف صبر واحتسب فرفع الله ذكره في الدنيا ونسال الله له في الآخرة مقام الأولياء والشهداء والصديقين في الفردوس الأعلى من الجنة بفضل أرحم الراحمين.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد